للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنسخ به الصلح والهدنة، وتقريرهم على الكفر، وأمر المسلمين بقتالهم، حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، إن كانوا أهل كتاب، أو السيف أو الإسلام، إن لم يكونوا من أهل الكتاب. «١»

فالمنسوخ ذلك العهد.. فإذا دعت حاجة الزمان إلى مهادنة الكفار من غير جزية يؤدونها إليه، فكل من انتسب إلى المعاهدين صار منهم واشتمل الأمان عليهم.

قوله تعالى: (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً..)

الآية (٩٢) .

معناه ما كان له ذلك في حكم الله تعالى.

واختلف الناس في معنى إلا، فقال قائلون هو استثناء منقطع بمعنى لكن، كأنه قال: لكن قد يقتله خطأ، فإذا قتله فحكمه كيت وكيت، والاستثناء المنقطع ذكروا له شواهد في أشعار العرب، مثل قول النابغة:

إلا الأواري، وغيره، وقد شرحناه في أصول الفقه.

وقال آخرون: هو استثناء صحيح، وفائدته أن له أن يقتله خطأ في بعض الأحوال، وهو أن يرى عليه لبسة المشركين والانحياز إليهم فيظنه مشركا، وقتله في هذا الوقت على هذا الوجه جائز، كما روى الزهري عن عروة بن الزبير، أن حذيفة بن اليمان قاتل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم أحد، فأخطأ المسلمون يومئذ بأبيه يحسبونه من العدو، وتحاملوا عليه بأسيافهم، فطفق حذيفة يقول:

إنه أبي، فلا يفهموا قوله حتى قتلوه، فقال عنه ذلك: يغفر الله


(١) أنظر تفسير الطبري.