استدل قوم به على قتل المسلم بالذمي والحر بالعبد، وهذا لو ثبت لهم أن شريعة من قبلنا تلزمنا.
وبعد فقوله تعالى:(وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها) ، ليس فيه عموم، ولم يثبت أن كلم الله تعالى في حق الواحد من شريعة من مضى حكم في حق أهل شريعتنا كما ثبت ذلك بدليل قاطع في شريعتنا.
ومن وجه ثالث، وهو أنه لم يثبت عموم شريعة التوراة لأصناف الخلق، كما ثبت أن نبينا صلّى الله عليه وسلّم بعث إلى الخلق كلهم.
الرابع أنه تعالى قال:(وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) ، فكان ذلك مكتوبا على أهل التوراة، وهم أهل ملة واحدة، ولم يكن لهم أهل ذمة، كما للمسلمين أهل ذمة، لأن الجزية فيء وغنيمة أفاءها الله على المؤمنين، ولم يحل الفيء لأحد قبل هذه الأمة، ولم يكن نبي فيما مضى مبعثا إلى قومه، فأوجبت الآية الحكم على بني إسرائيل، إذ كانت دماؤهم تتكافأ، فهو مثل قول الواحد منا:
وما في الدنيا سوى المسلمين النفس بالنفس.
وتشير إلى قوم تعيين فتقول:
الحكم في هؤلاء، أن النفس بالنفس.
فالذي يجب بحكم هذه الآية على أهل القرآن أن يقال: إنهم فيما بينهم على هذا الوجه النفس بالنفس، وليس في كتاب الله تعالى ما يدل على أن النفس بالنفس مع خلاف الملة.
(١) سورة المائدة آية ٤٥. انظر تفسير الطبري- ومحاسن التأويل.