لا يتزوج إلا مجلودة مثله، فإن تزوج غير زانية، فرق بينهما بظاهر هذه الآية عملا بالظاهر.
ولكن يلزمه عليه أنه يجوز للزاني أن يتزوج بالمشركة، ويجوز للزانية أن تزوج نفسها من مشرك.
وهذا في غاية البعد، وخروج عن الإسلام بالكلية، بما قال هؤلاء، إن الآية منسوخة في المشركة خاصة دون الزانية، وهؤلاء يروون عن ابن عباس وأبي هريرة وأبي بن كعب وابن عمر مثل مذهبهم. ورووا عن المقبري عن أبي هريرة أنه صلّى الله عليه وسلّم قال: لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله، واستدلوا عليه بقوله تعالى:(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ- إلى قوله- مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ)«١» ، فإنه تعالى لم يبح عند الضرورة وخوف العنت إلا بشرط الإحصان، ففي حال الضرورة لأن يحرم أولى.
واستدلوا عليه أيضا بما ثبت من وقوع الفرقة باللعان، لأنه قد أقر بأنها زنت، فإذا صح الزنا ببينة، فالمنع من تزوجها أولى.
وأما الكلام في الآية فعلى ما تقدم، وأما الأخبار فمتعارضة والقياس لا وجه له بإقرار نفسه فيما يوجب الفرقة، فلما ثبت بالإجماع أن لا فرقة في هذه الحالة، ثبت أن عند اللعان إنما تجب الفرقة لأمر آخر، إذ لو وجب لكونها زانية، لكان اعترافه بذلك فيها، كاعترافه بأنها أخته من نسب أو رضاع، في ألا ينتظر في تحريمها عليه أمر سواه.