والإحصان يختلف معناه باختلاف مواضعه على ما شرحه الفقهاء.
والمعتبر هاهنا في إحصان المقذوف: البلوغ، والعقل، والإسلام، والحرية، والعفة من الزنا، وكثير من ذلك لا يدل عليه اللفظ.
وليس في نفس اللفظ من طريق اللغة، إلا دلالة تخصيص الرمي بالزنا، إلا أن يشبه أن يكون المراد به ذلك، مع ما ذكرنا من الإحصان، ثم لما اجتمعت الأمة في حق المحصنة على أن معنى الرمي بالزنا، جعلوا المحصن في معنى المحصنة.
وقوله:(بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) : يدل على أن شهادة الأربعة شرط في إثبات الزنا، وليست لصفات الأربع ذكورة وعدالة وحرية ذكر، لكن الإجماع منعقد عليه، وليس في الآية رمي المرأة الرجل، ولكنها في معناه شرعا.
واختلف الناس في التعريض بالقذف، فمالك يوجب به الحد، والشافعي وكافة العلماء على خلافه، ولا شك أن الشرع إذا علق الحد على الصريح، فالمحتمل دونه، فلا يلحق به، سيما في الحدود التي تدرأ بالشبهات.
ومن أقوى ما يتعلق به في ذلك ما قاله الشافعي، من أن التعريض بالخطبة لم يلحق بالصريح مع القرائن الدالة على مقصود المتعرض، فليكن في القذف كذلك، فإنه أولى بالسقوط بالشبهة.
وإذا ثبت ذلك، فقد اختلف العلماء في حد العبد، فقال أكثر العلماء عليه إذا قذف أربعون.
وقال الأوزاعي: بجلد ثمانين.
وعن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود، أنه قال في عبد قذف حرا أن يجلد ثمانين.