للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دليلا على كون الشهادة مندوبا إليها، فتارك المندوب لا جناح عليه.

وقوله: (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ، فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها) (٢٨٢) يدل على أن في غيرها عليهم جناحا.

ويقال في الجواب عن هذا: الجناح يطلق على الضرورة، فكأنه تعالى قال: لا ضرر عليهم في حياطة الأموال، لأن كل واحد تسلم ما استحق عليه بإزاء تسليم الآخر، ومتى لحقه ضرر وأفضى الأمر إلى منازعة ومشاجرة، فربما تداعى إلى الإثم واللجاج، فأراد بقوله: (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها) ، أي ليس عليكم ذلك أيضا..

قوله تعالى: (وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ) «١» (٢٨٢) .

عطفا على ذكر المضارة، يدل على أن مضارة الطالب الكاتب والشهيد، ومضارتهما له فسق، بقصد كل واحد منهم إلى مضارة صاحبه بعد نهيه عنها.

قوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) (٢٨٣) :

استدل به مجاهد على أن الرهن لا يكون إلا في السفر.

وأما كافة العلماء فجوزوه في الحضر والسفر، لأنه صح أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم رهن درعا عند يهودي بالمدينة، وأخذ منه شعيرا لأهله، غير أن ذكر السفر بناء على غالب الأحوال، في عدم وجود الكاتب والشهيد فيها، فينوب الرهن منا بهما، لا أن الرهن مفيد فائدة الشهادة والكتاب


(١) أي وأن تفعلوا ما نهيتم عنه من الضرر (فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ) أي خروج بكم عن الشرع الذي نهجه الله لكم.