للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من كل وجه، فإن الذي يختص بالرهن، إعداد المرهون لاستيفاء الحق منه عند ضيق الطالب، فهو وثيقة لجانب الاستيفاء «١» بإبانة محل الاستيفاء، كالضمان فإنه وثيقة بتحديد محل الاستيفاء عند عسر استيفائه من المضمون عنه، إلا أن خاصية الرهن إنما تظهر عند ازدحام الغرماء، وخاصة الضمان حاصلة في غير هذه «٢» الحالة.

فإذا تقرر ذلك، فهذا الرهن الذي له خاصية الشهادة عند عدم الشهادة، فإن الرهن إذا كان مقبوضا، لا يتأتى للراهن الامتناع من توفية حق المرتهن، فإنه يأخذ المرهون بحقه.

وإن ادعى الراهن على المرتهن الملك في المرهون، فالمرتهن يكفيه في دفع دعواه أن يقول: لا يلزمني تسليم هذا إليك.

وإذا قال ذلك وحلف عليه، بطل عن الراهن في العين «٣» عند المحل، وكان للمرتهن بيعه وأخذ الحق من ثمنه، وهذا كلام ظاهر كما ترى، فصار الرهن مفيدا مثل مقصود الشهادة والكتاب، وإن كان له خاصية يتفرد بها، فلأجل ما فيه من فائدة الشهادة أمر الله فيه بالقبض، وخصه بالسفر، لأنه يغلب فيه عدم الكتاب والشهود.

وقوله: (فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) ، يدل على اعتبار القبض الذي به


(١) وإنما جعل وثيقة لصاحب الدين ليكون محبوسا في يده بدينه، فيكون عند الموت والإفلاس أحق به من سائر الغرباء، ومتى لم يكن في يده كان لغوا لا معنى له، وهو سائر الغرباء فيه سواء، ألا ترى أن المبيع انما يكون محبوسا بالثمن ما دام في يد البائع، فان هو سلمه الى المشتري سقط حقه وكان هو وسائر الغرباء سواء فيه (راجع الجصاص) .
(٢) وقال ابن حزم: أن شرط المرتهن الرهن في الحضر لم يكن له ذلك وأن تبرع به الراهن جاز (فتح الباري كتاب الرهن) .
(٣) أي بطل عين الرهن عن الراهن وباعه المرتهن وأخذ حقه فيه، لأن حق المرتهن متعلق بعين الرهن وذمة الراهن معا وهو من أكثر فوائد الرهن عند فرض مزاحمة الغرباء. [.....]