للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحصل معنى الوثيقة الحاصلة بالشهادة، فإن المرهون إذا كان في يد الراهن فلا يتأتى فيه معنى الشهادة.

ويتلقى من الآية وجوب الإقباض، وكون القبض شرطا في الرهن لأن معنى الوثيقة ليس يحصل إلا به.

ويمكن أن يستدل به على أن المقصود الأصلي في الرهن توثيق الدين لاستيفاء الحق منه، فإنه خص بالسفر لهذا المقصود لما لا سواه مما يتأتى في السفر والحضر، ومع الشهود وعدم الشهود والكتاب.

وفيه دليل على أنه لا يجوز للراهن استرجاع المرهون من يد المرتهن، لما فيه من بطلان المعنى الذي به يقوم الرهن مقام الشهادة والكتاب، ولأجله جعل بدلا عنهما، وما شرع في الأصل إلا على هذا الوجه. فكان هذا الوجه هو المقصود الأصلي بالرهن.

والذين يخالفون هذا الرأي من أصحاب الشافعي يقولون:

إن المقصود بآية المداينات توثق الحقوق عن الضياع والتقوى من جهة وجوبه لا من جهة الاستيفاء، ولذلك لم يتعرض للضمان، فإن الضمان لا يفيد التوثيق من جهة الوجوب على معنى أن الشهادة إذا لم تكن، ربما يجحد الحق فيذهب وجوبه، وكذا الكتاب والرهن في هذا المعنى يفيد مع الجحود الذي به يفوت وجوب الحق، والضمان لا يفيد شيئا من هذا المعنى، فلا جرم لم يتعرض له ها هنا، وتعرض للرهن الذي يفيد فائدة الشهادة في هذه الجهة، إذا تعذر الوصول إلى الشهادة بالسفر، لأن السفر في الرهن أصل، ولكن بالسفر يحصل العذر في الشهادة والكتاب فشرع الرهن.

وأما خاصية الرهن التي لا توجد في غير الرهن من الوثائق فهي استيفاء الدين من العين، فجاز رهن المتاع نظرا إلى الخاصية، وجاز الانتفاع بالمرهون في مدة الرهن نظرا إليها، فهذا تمام البيان في ذلك.