للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله تعالى: (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ) ، الآية/ ١٧.

يدل على أن عمارة «١» المسجد بالزيارة، والزيادة في بنائه، ودخوله محرم على الكفار، فكأنه قال:

إن بناء المسجد إنما يليق بالمسلم الذي يتوصل به إلى رضاء الله، فأما الكافر فإن عمله في ذلك محبط، ولم يؤمر بعمل محبط، وإنما أمر بعمل مقبول عند الله تعالى.

قوله تعالى: (لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ) ، الآية/ ٢٣:

يدل على أن حكم الله تعالى يغلب حكم القرب والنسب.

ويدل على أن تولي الكافر تعظيم، فلذلك أطلق تعالى فيمن يفعل ذلك أنه ظالم.

قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) ، الآية/ ٢٨.

صار بعض الناس إلى الحكم بنجاستهم حقيقة حتى نجسوا الماء بملاقاتهم.

وقال آخرون: لم يرد تعالى نجاستهم حقيقة وإنما أراد به جعله فاتحة لمنع قربهم من المسجد، كما تمنع من ذلك النجاسات، فمعناه: إنما المشركون كالشيء النجس، وتعليق منعهم أن يقربوا المسجد الحرام بكونهم أنجاسا، يقتضي أن يكون المراد به التشبيه لا التحقيق، والنجاسة من حقها صحة إزالتها بالماء وذلك لا يتأتى في الشرك.

وقال الشافعي: يدخل كل مسجد إلا المسجد الحرام خاصة، ويجوز


(١) قال صاحب البصائر:
«يعمر» اما من العمارة التي هي حفظ البناء، أو من العمرة التي هي الزيارة، أو من قولهم: عمرت بمكان كذا، أي أقمت به.