للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(أَنْفُسَكُمْ) «١» يعني بعضكم بعضا.

وقال: (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) «٢» .

يريد من يكون فيها، وذكروا أن هذا التأويل أولى، فإن السفه صفة ذم، وهذا يعترض عليه، فإن السفه في الأصل الخفة، وليس ذلك صفة ذم ولا مفيدا لعصيان، والمعنيان مختلفان.

قوله تعالى: (وَابْتَلُوا «٣» الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) الآية (٦) .

واعلم أن كثيرا من العلماء جوزوا إذن الولي للصبي في التجارات وتسليم المال اليه، حتى يتصرف وتبدو بياعاته وتصرفاته، وليس في العلماء من يقول إنه إذا اختبر الصبي فوجد رشيدا ارتفع عنه الولاية، وأنه يجب دفع ماله اليه، وإطلاق يده في التصرف، وذلك يدل على أن الابتلاء في الصبي ليس يفيد العلم المعتبر برشده، فكذلك قال الله تعالى:

(وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) .


(١) سورة النساء آية ٢٩.
(٢) سورة النور آية ٦١.
(٣) الابتلاء: الاختبار، أي اختبروا عقولهم وتصرفهم في أموالهم.
آنستم: أي علمتم وقيل: رأيتم، وأصل الإيناس: الأبصار، ومنه قوله تعالى:
(آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً) .
رشدا: الرشد الاهتداء الى وجوه الخير، والمراد به هنا الاهتداء الى حفظ الأموال.
إسرافا: الإسراف مجاوزة الحد والإفراط في الشيء، والسرف: التبذير.
بدارا: معناه مبادرة أي مسارعة، والمراد أن يسارع في أكل مال اليتيم خشية أن يكبر فيطالبه به. [.....]