للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الأعمش عن جندب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، أن الصعب بن جثامة أهدى إلى النبي صلّى الله عليه وسلم حمار وحش وهو محرم، فرده وقال: لو أنا حرم لقبلناه منك.

ويحتمل أنه صيد لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، وعندنا ما صيد له فلا يأكل منه، ويدل عليه ما رواه أبو معاوية عن ابن جريج عن خيار بن أبي الشعثاء عن أبيه قال: سئل النبي صلّى الله عليه وسلم عن محرم أتى بلحم أنأكل منه؟ فقال: اجتنبوا.

قال أبو معاوية: إن كان صيد قبل أن يحرم فيؤكل وإلا فلا وهو فيما صيد من أجله «١» .

قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) «٢» .

استدل به قوم على تحريم السؤال عن أحكام الحوادث قبل وقوعها، وهذا منه غلط، فإنه تفقه في الدين، وإنما الآية تنهى عن السؤال عن أشياء.

تتعلق بأسرار إذا كشف لهم عنها ساءهم ذلك، وربما أداهم إلى الكفر به دفعا للخجل، مثل ما روي أن رجلا قام فقال: من أبي؟ فقال: حذافة، بعد أن قال عليه الصلاة والسلام: لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم عن حقيقته، وكان قد حذرهم السؤال، وكان الأولى بهم أن يستتروا بستر الله تعالى «٣» .

قوله تعالى: (ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ) «٤» .

الآية: ١٠٣.


(١) أنظر تفسير الطبري.
(٢) سورة المائدة آية ١٠١.
(٣) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أنس رضي الله عنه.
(٤) البحيرة: هي الناقة إذا نتجت خمسة أبطن فكان آخرها ذكرا بحروا أذنها أي شقوها.
- السائبة: هي الناقة كانت تسيب في الجاهلية أي تترك ولا تركب ولا يحمل عليها.