للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرد إلى الإغماض في اقتضاء الدين، يدل على أن ذلك وارد في قضاء دين الله تعالى، وأن الجنس الرديء، إذا لم يخف عليكم، فكيف يخفى علي؟ ..

وقد احتج قوم لأبي حنيفة بقوله: (وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) (٢٦٧) أن ذلك عموم في قليل ما تخرجه الأرض وكثيره، وفي سائر الأصناف، ورأوا ظاهر الأمر للوجوب، وهذا بعيد.

فإن المراد به، بيان الجهات التي تعلق حق الله تعالى بها، وليس ذكر مقدار ما وجب فيه الحق مقصودا، ولا بيان مالا زكاة فيه، ولذلك لم يتعرض للنصاب في كل ما يعتبر فيه النصاب شرعا، ولم يذكر من جنس ما يكتسب ما تتعلق الزكاة به، وإن لم تتعلق الزكاة بكل ما يكتسب، وهذا بين في خروج الآية عن الدلالة على مقصودهم.

قوله: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (٢٧١) :

فيه دلالة على أن إخفاء الصدقات مطلقا أولى. وأنها حق الفقير، وأنه يجوز لرب المال أن يفرقها بنفسه، على ما هو أحد قولي الشافعي.

وعلى القول الآخر، ذكروا أن المراد بالصدقات ها هنا، هو التطوع بعد الفرض الذي إظهاره أولى، لئلا تلحقه تهمة، ولأجل ذلك قيل: صلاة النفل فرادى أفضل، والجماعة في الفرض أولى، لأن إظهار الفرض أبعد عن التهمة.

قال الله تعالى:

(لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (٢٧٢)