للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كان عهد الله هو أوامره، فقوله: (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ، لا يريد به أنهم غير مأمورين لأن ذلك خلاف الإجماع، فدل على أن المراد به أن يكونوا بمحل من تقبل منهم أوامر الله، ولا يؤمنون عليها.

قوله تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً «١» لِلنَّاسِ وَأَمْناً) ، يحتج به في كون الحرم مأمنا، ويحتمل أن يكون معناه جميع الحرم، كقوله:

(وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) «٢» . وقوله: (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) «٣» . إلا أن معناه أنه مأمن عن النهب والغارات، ولذلك قال النبي عليه السّلام في خطبته يوم فتح مكة:

«إن الله حبس عن مكة الفيل، وملك عليها رسوله والمؤمنين، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، ثم هي حرام إلى يوم القيامة، لا يقطع شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد» «٤» .

نعم، قد روى أبو شريح الكعبي أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال:

«إن الله حرم مكة ولم يحرمها الناس، فلا يسفكن فيها دم، وإن الله تعالى حلها لي ساعة ولم يحلها للناس» «٥» .


(١) مثابة أصله من ثاب يثوب إذا رجع، أي يرجعون اليه في كل عام، ولا ينصرف عنه أحد فيرى نفسه قد قضى غرضه. والآية ١٢٥ من سورة البقرة.
(٢) سورة البقرة آية ١٩١.
(٣) سورة التوبة آية ٢٨.
(٤) رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما في باب تحريم مكة وتحريم صيدها.
(٥) أخرجه البخاري بنحوه في الحج، ومسلم في صحيحه ج ٩ ص ١٢٦ نووي.. [.....]