للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني: وما تنفقوا للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله، والمراد بالإنفاق فقراء المهاجرين.

وقوله تعالى: (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) (٢٧٣) يدل على أن اسم الفقير يجوز أن يطلق على من له كسوة ذات قيمة، ولا يمنع ذلك من إعطائه الزكاة.

وقد أمر الله تعالى بإعطاء هؤلاء القوم، وكانوا من المهاجرين الذين يقاتلون مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، غير مرضى ولا عميان.

ولما قال تعالى: (تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ) «١» ، دل على أن للسيما أثرا في اعتبار حال من تظهر عليه، حتى لو رأينا ميتا في دار الإسلام ميتا وعليه زنار غير مجبوب «٢» ، لا يدفن في مقابر المسلمين، ويقدم ذلك على حكم الدار على قول أكثر العلماء.

ومثله قوله: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) «٣» ، فدلت الآية على جواز صرف الصدقة إلى من له ثياب وكسوة وزي المتجمل «٤» ، واتفق العلماء على ذلك، وإن اختلفوا بعده في مقدار ما يحرم أخذ الصدقة.

وأبو حنيفة اعتبر مقدار ما تجب فيه الزكاة.


(١) السيما: العلامة، قال مجاهد: المراد به هنا التخشع، وقال السدى والربيع ابن أنس: هو علامة الفقر (جصاص) .
(٢) الزنار: لباس النصارى والمجبوب: يقال جببته جبا من باب قتل قطعته، ومنه جببته فهو محبوب بين الجباب بالكسر إذا استؤصلت مذاكيره، وجب القوم نخلهم لقحوها وهو زمن الجباب بالفتح والكسر، والجبة من الملابس معروفة والجمع جبب مثل غرفة وغرف والجب بئر لم تطو وهو مذكر، أهـ أنظر المصباح المنير.
(٣) سورة محمد آية ٣٠.
(٤) إذا عرفهم بسيماهم أي ما يظهر في وجوههم من كسوف البال وسوء الحال وان كانت هيأتهم حسنة. وثيابهم جميلة.