للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثل ذلك الوقت، ولا يكون قوله (فَمَنِ اعْتَدى) لاستثناء وحكم، بل يكون معناه:

فمن اعتدى في الماضي بهتك حرماتكم في الشهر الحرام في البلد الحرام فاعتدوا عليه الآن بمثل ما اعتدى عليكم في الماضي، فيكون ذلك إباحة للقتال مطلقا في كل موضع وفي كل وقت، ويحتج بذلك في مراعاة المماثلة في القصاص على ما يقوله الشافعي رحمه الله..

قوله تعالى: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) «١» الآية ١٩٥، روى يزيد بن حبيب عن أسلم بن أبي عمران أنه قال: غزونا القسطنطينية، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والروم ملصقوا ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدو، فقال الناس:

مه مه، لا إله إلا الله، يلقي بيديه إلى التهلكة، فقال أبو أيوب: سبحان الله، أنزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار، لما نصر الله تعالى نبيه، وأظهر دينه. قلنا هلم نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل الله تعالى:

(وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ، والإلقاء بالأيدي إلى التهلكة، أن نقيم في أموالنا فنصلحها وندع الجهاد..

قال الراوي: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية، فأخبر أبو أيوب أن الإلقاء باليد إلى التهلكة، هو ترك الجهاد في سبيل الله، وأن الآية نزلت في ذلك..


(١) قال أبو عبيدة: التهلكة والهلاك والهلك واحد، مصدر هلك. وفي لسان العرب:
التهلكة: الهلاك، وقيل: كل شيء تصير عاقبته إلى الهلاك.