للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ) وعندهم: إن رمى قبلت شهادته، فقد خالفوا ظاهر الآية وما خالفنا.

وظن بعض أصحاب أبي حنيفة أنه تعالى لما قال: (ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) ، فإذا أتى بأربعة شهداء فساق فلا حد عليه، فإنه أتى بأربعة شهداء وذلك بالفساق، فلو جاء بأربعة من المحدودين والكافرين، فلا يسقط الحد عنه، وكذلك العبيد، ولا شك أن لفظ الشهداء ليس فيه هذا التفصيل فهو به متحكم، ولأنه تعالى لما قال: «فإن يأتوا بالشهداء» ، يعني: إذا لم يأت بالشهداء الذين يحصل منهم الصدق، ويقبل قولهم، فأولئك كاذبون، فأما أن يجيء بأربعة لا يصدقهم الشرع في إثبات الزنا، فكيف يمكن أن يدرأ الحد عنه؟ فهذا مقطوع به، وربما بنى ذلك على أن الفاسق من أهل الشهادة، وذلك مجرد لفظ، فلا معنى إذا تبين أن الفاسق لا يجوز أن تقبل شهادته في الحدود، وإن ظهر عند القاضي بالقرائن صدقه، ولا يجوز إقامة الحد على المشهود عليه بشهادتهم، وهذا مما لا خلاف فيه بين المسلمين.

وعند الشافعي يجب الحد على الشهود وعلى القاذف جميعا.

ومن أعجب الأمور أنهم قالوا: العدول إذا شهدوا على الزنا متفرقين، فقد قال أبو حنيفة وأبو يوسف وزفر ومحمد يحدون.

وقال الشافعي: لا يحدون وتقبل شهادتهم، مع أنه جاء بأربعة شهداء.

قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) ، الآية/ ٦.

دل به على أن الأول لم يتناول الزوجات، أعني قوله: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) .

ويحتمل أن يقال إنه تناول، ولكن جعل هذا محلفا، وأقيم لعانه مقام الشهادة، فإنه تعالى استثناه عن الشهادة.