للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا إشارة إلى سبب التحريم، وأنه كان إرادة قطع الشيطان، إنما يريد حالة ابتداء الشرب والاحتواء على قدح الخمر، ولا يريد ذلك حالة وقوع السكر، فبالسكر تقع العداوة والبغضاء، وبه وصل الشيطان إلى مراده، لا بالسكر بل قبل السكر.

فإن قلت: إن الشيطان يريد أن يشرب ليدعوه الشرب إلى السكر، فليس في ذلك دليل على أن ذلك يجب أن يكون محرما.

مع أن الذي به تقع العداوة غير نفس الشرب. وحرم الميسر أيضا لأن الرجل منهم كان يقامر في ماله وأهله فيقمر، فيبقى حزينا سليبا، فيكسبه ذلك العداوة والبغضاء، مثل ما يوجب ذلك السكر من الخمر من العربدة والعداوة، وهذا موجود فيما يوجب السكر منه.

فأما القليل من الخمر، فليست هذه العلّة موجودة فيه، فهو محرم لعينه عند أبي حنيفة، ومحرم عند الشافعي، لأن قليلها يدعو إلى الكثير، وهذا المعنى وما يرد عليه من الاعتراض شرحناه في مسائل الفقه وأصول الفقه «١» .

قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) الآية: ٩٣.

قال ابن عباس وجابر والبراء بن عازب وأنس بن مالك والحسن ومجاهد وقتادة والضحاك.

لما حرمت الخمر كان قد مات رجال من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهم يشربون الخمر فقالوا:


(١) أنظر الجامع لأحكام القرآن، في شرح آية الخمر هذه.