قال الحسن والشعبي، وقتادة: كتب على الذين من قبلنا وهم النصارى شهر رمضان أو مقداره من عدد الأيام، وإنما حولوه وزادوا فيه.
وقال ابن عباس: كان الصوم من العتمة إلى العتمة ولا يحل بعد النوم أن يأكل ويشرب وينكح، ثم نسخ فكان ذلك صوما بالليل لا تشبها بالصائمين ولا عقوبة على أكل حرام بل كان عبادة ...
وقال آخرون: معناه أنه كتب علينا صيام أيام، ولا دلالة فيه على مساواته في المقدار، بل جائز فيه الزيادة والنقصان..
وروى عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال: أحيل الصيام ثلاثة أحوال، قدم أولا رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فجعل يصوم كل شهر ثلاثة أيام، وصيام عاشوراء، ثم إن الله تعالى فرض الصيام فقال:(كُتِبَ عَلَيْكُمُ) . وذكر نحو قول ابن عباس الذي ذكرناه وقدمناه، وليس في قوله:(كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) دلالة على المراد في العدد في أو صفة الصوم أو في الوقت فكان اللفظ مجملا..
وقوله تعالى:(فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ)(١٨٤) يقتضي تعليق جواز الإفطار على اسم المرض والسفر، إلا أن المريض الذي لا يضره الصوم مخصوص إجماعا، ولا يعرف له مأخذ أقوى من الإجماع.
وأطلق السفر ولم يذكر له حدا، والمسافة القريبة لا تسمى سفرا في العرف، فلا جرم اختلف العلماء في تحديده، فحده أبو حنيفة بثلاثة أيام والشافعي بستة عشر فرسخا، ولكل مأخذ..