إذا ثبت ذلك، فقد احتج قوم من أصحاب أبي حنيفة بهذه الآية في مصيرهم، إلى من نذر ذبح ولده لزمه ذبح شاة عندهم، وقالوا: إن الله تعالى جعل الأمر بذبح الولد، في حالة حرم ذبح الولد سببا لوجوب ذبح شاة، فيجوز أن يكون إيجاب الواحد منا ذبح ولده على نفسه سببا لذبح شاة، ويجعل اللفظ عبارة عن ذبح شاة «١» .
وهذا إغفال منهم، فإنه إن ثبت أن إبراهيم كان مأمورا بذبح الولد، فقد ارتفع الأمر إلى بدل جعل فداء، فكان الأمر متقررا في الأصل، ثم أزيل ونسخ إلى بدل، وفيما نحن فيه لا أمر بذبح الولد، بل هو معصية قطعا، فلم يكن للأمر تعلق بذبح الولد بحال، فإذا لم يتعلق به بحال، فلا يجوز أن يجعل له فداء وخلفا، وقد استقصينا هذا في كتب الفقه وهو مقطوع به.
قوله تعالى:(فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ)
، الآية/ ١٤١.
يحتج به من يرى للقرعة أثرا في تعيين المستحق بعد تردد الحق في أعيان لا سبيل إلى نفيه عنها، ولا إثباته في جميعها، فتدعو الحاجة إلى القرعة، وهذا بين.
نعم في مثل واقعة يونس لا تجرى القرعة، لأن إلقاء مسلم في البحر لا يجوز، وفي ذلك الزمان جاز، فرجع الإختلاف إلى نفس الحق.
وأما قولنا الحق تردد في محال وأعيان فلا يجوز إخراجه منها، فذلك شيء ثابت، وهو موضع احتجاجنا.