للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتج أصحاب الشافعي في منع القيم في الكفارات، بأن الله عز وجل ذكر الطعام والكسوة والتحرير، فلو جازت القيمة، كان على تقدير أن المقصود منه حصول هذا القدر من المال للمساكين، ولو كان المقدار مقصودا لما خير بين الإطعام والكسوة والتحرير، مع تفاوت قيمها في الغالب من الأحوال، وهو مثل احتجاج بعض أصحابنا في منع القيم، بإيجاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الحيوان شاتين أو عشرين درهما مع التفاوت غالبا، وإيجاب الصاع من التمر والزبيب والبر والشعير مع تفاوت قيمتها غالبا، فهذا أقوى الحجج في إبطال القيمة «١» .

قوله تعالى: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) «٢» الآية، فالخمر عند كافة العلماء محرمة، غير أن في الناس من يشك في بعض الأحيان، وأنها خمر أم لا.

ولا شك أن موضع الاشتقاق وهو التخمير أو المخامرة. يقتضي كون الأشربة المسكرة خمرا، غير أنا لا نثبت اللغات بهذا الجنس من القياس، ورويت أخبار تدل على أن اسم الخمر لازمة لهذه الأشربة التي اختلف العلماء في تحريمها، والمشكل إشكال الاسم على أهل اللغة وأن ذلك لو سمي خمرا لم يشكل.

كيف وعامة أشربة المدينة من التجمل، لأن العنب لا يوجد بالمدينة، وكيف صار ذلك مشكلا؟

وكيف يصور الاختلاف فيه؟

فلعل اشتهار غير العيني بأسامي أخر، لتمييز نوع من نوع، أورث هذا الإشكال، ولم يكن للعنبي اسم آخر وغير العنبي.


(١) أنظر الجامع لأحكام القرآن.
(٢) سورة المائدة آية ٩٠.