للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد نسخ ذلك بقوله: «فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) (٢٨٣) ، وقد بينا ذلك فيما سلف.

قوله تعالى: (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) .

قال ابن عباس: معناه أن يجيء الرجل إلى الكاتب فيقول: إني على حاجة، فيقول له: إنك قد أمرت أن تجيب، فلا يضار بمثل هذا القول.

وقال الحسن: (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) أي لا يكتب ما لم يؤمر به ويزيد في الشهادة.

وقرأ الحسن وقتادة وعطاء: (.. لا يُضَارَّ) بكسر الراء..

وقرأ ابن مسعود ومجاهد: (لا يُضَارَّ) بفتح الراء، فكانت إحدى الروايتين نهيا لصاحب الحق عن مضارة «١» صاحب الحق، وكلاهما مستعمل، ومن مضارة الشاهد القاعد عن الشهادة إذا لم يكن سواه، فكذلك على الكاتب إذا لم يجد غيره.. «٢»

قوله تعالى في التجارة: (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها) وفرقة بينها وبين المؤجل يوهم بظاهره، أن عليهم كتب الدين المؤجل والإشهاد فيه وأن الجناح يلحقهم إذا لم يكتبوها، ويبعد أن يقال في ترك المندوب إن عليه جناحا، ففي التجارة الحاضرة إن كان ترك الشهادة


(١) لعل هنا سقطا يبينه ما في الجصاص من قوله: فكانت أحدى القراءتين نهيا لصاحب الحق عن مضارة الكاتب والشهيد، والقراءة الأخرى فيها نهي الكاتب والشهيد عن مضارة صاحب الحق وكلاهما صحيح مستعمل، فصاحب الحق منهى عن مضارة الكاتب والشهيد بأن يشغلهما عن حوائجهما ويلح عليهما في الاشتغال بكتابه وشهادته، والكاتب والشهيد كل واحد منهى عن مضارة الطالب بأن يكتب في الكتاب ما لم يمل ويشهد الشهيد بما لم يستشهد» أهـ.
(٢) أي تعيين الشهادة والكتابة إذا لم يكن غير الشاهد والكاتب.