للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعلى هذا قوله: (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) ، استثناء منقطع كقولهم:

«لا تلق إلا ما لقيت، يعني لكن ما لقيت فلا لوم عليك فيه» .

وقوله تعالى: (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) . «١»

يعني بعد النهي، وإلا فقبل النهي ليس بفاحشة، لا قبل المبعث ولا بعده، فعلى هذا قوله: (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) ، يعني فإنه يسلم منه بتركه والتوبة منه.

نعم، في هذه الآية دلالة ظاهرة للشافعي رضي الله عنه، في أن من تزوج امرأة ابنه، ثم وطئها مع العلم بالنهي والتحريم إنه زان، لأنه تعالى قال:

(إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلًا) .

كما قال: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا) .

فذكر في نكاح امرأة الأب مثل ذلك.

فإن قيل: إنه إذا كان عندكم النكاح بمعنى العقد، والعقد لم ينعقد، فليس ثم زنا، فما معنى قوله: (فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلًا) والفاحشة عندكم ترجع إلى العقد، وليس في ذلك ما يوجب الحد؟ وهذا سؤال القوم.

والجواب عنه: أنه لما جعل العقد فاحشة، لم يكن فاحشة لعينه، وإنما كان فاحشة لحكمه ومقصوده، فلولا أن مقصوده أعظم وجوه الفواحش، وليس فيه شبهة، ما جعل الذريعة اليه فاحشة ومقتا، وهذا في غاية الوضوح فاعلمه.


(١) عقب بالذم البالغ المتتابع، وذلك دليل على أنه فعل انتهى من القبح الى الغاية.