وزعم المخالف أن صوم الثلاثة يتوقف عليها الحل، ففرض الهدي قائم عليه، ما لم يحل وتمضي أيام النحر التي هي مسنونة للحلق، فمتى وجد فعليه أن يهدي، وزعموا أن الهدي مشروط للإحلال، لأنه لا يجوز أن يحل قبل ذبح الهدي، لقوله تعالى:
فمن لم يحل حتى وجد الهدي، فعليه الهدي، لأن الله عز وجل لم يفرق في إيجابه الهدي بين حاله قبل دخوله في الصوم أو بعده، وهذا غلط، ولو كان وجوب الهدي لمكان التوصل به إلى الإحلال، ما ثبت وجوبه إلا على هذا الوصف، ويسقط بالإحلال دون الهدي، إذا لم يجد الهدي ولم يصم الثلاثة، وهذا خلاف الإجماع. ولأنه أوجب الهدى على المتمتع، فكان ذلك مضافا إلى تمتعه لا إلى غيره، وذلك لا يستدعي وصف الإحلال، ولو كان لوصف الإحلال، لما شرع صوم السبعة بدلا عن الهدي بعد الإحلال، لأن البدل يقصد به ما قصد بالأصل، ولا يجوز أن يشرع بعض البدل لمقصود، وبعضه لمقصود آخر..
نعم أوجب الله تعالى عليه الهدي أولا جزاء على تمتعه، فإذا لم يجد أوجب الصوم، فإذا ابتدأ الصوم ها هنا أو صوم الظهار، فقد صح الصوم، ومتى صح الصوم، سقط عنه فرض الرقبة والهدي لصحة الجزاء المفعول عنه، ولذلك قالوا في المتيمم إذا رأى الماء في خلال صلاته، إن فرض الطهارة بالماء يسقط عنه لهذه الصلاة، فخرج الوضوء عن كونه شرطا في حق هذه الصلاة، وليس يمكن أن يقال إن الصلاة أو الصوم موقوفان لا يحكم بصحتهما، فإن الوقف إنما يكون إذا لم تكمل شرائط الصحة، فأما إذا كملت الشرائط، فلا يمكن أن يجعل موقوفا، ولو بطلت العبادة، فليس بطلانها نظرا إلى الحال، بل لمكان