للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يفعل بعد خروج وقتها، إلا على وجه القضاء، فلم يجز أن يكون ركن العبادة باقيا في غير وقتها، فبقي إحرامه كاملا بعد أشهر الحج، وهو يوم النحر قبل رمي الجمار، حتى قال الشافعي: «إن جامع يوم النحر قبل رمي الجمار فسد حجه» ، فدل على كونه وقتا للإحرام بالعبادة، وليس بقاء العبادة في هذا الوقت، على نحو بقاء العصر بعد غروب الشمس، والصبح بعد طلوع الشمس، فإن ذلك وقت العذر والضرورة، لا وقته الأصلي، ولذلك لا يجوز تأخير صلاة العصر، إلى وقت يعلم وقوعها بعد غروب الشمس، وها هنا يوم النحر وقت أصلي لأفعال الحج، فليكن وقتا لعقد الإحرام..

والجواب عنه، أنه وقت لأعمال حج، لا يتصور بقاء الإحرام به، فإن الطواف في هذا اليوم، إنما يكون لحج يقدم الإحرام به قبل يوم النحر، وذلك الحج بالاتفاق، لا يتصور بقاؤه في هذا الوقت، والذي ينعقد من الإحرام في هذا الوقت، لا يتصور أن يكون هذا الوقت وقتا لأعماله، فكيف يجوز الاستدلال به؟

بل يقال إن فواته يدل على أن الوقت الذي لا يبقي فيه الإحرام، لا يجوز أن يكون وقتا لابتداء مثله، وهذا أقرب في الاستدلال.

قوله تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ «١» الْحَجَّ) (١٩٧) أي أوجبه على نفسه فيه.

وظن بعض الناس أنه لا بد من شيء يصح القصد إليه، ويصح فرضه، يعني إيجابه، وهو التلبية، وهو مذهب أبي حنيفة.

والشافعي يقول: أوجب فيه على نفسه فعل الحج، وهو منقسم


(١) أصل الفرض في اللغة: الجزم والقطع، ومنه فرضة القوس والنهر.