للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا المعنى كان يقتضي تحريم وطء المستحاضة، لولا الحرج في تحريم وطئها، لطول أمد الاستحاضة.

ومعنى الأذى ليس يستقل بتحريم الوطء، لولا إيماء الشرع إليه.

فإذا عرفت ذلك فاعلم أن قولنا: «ليس هذا موضع الحرث» ، لا يظهر دلالته على تحريم الوطء فيه، كالوطء فيما دون الفرج، ولكن دليل التحريم مأخوذ من غير ذلك في قوله تعالى:

(فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ) مع قوله تعالى: (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ) .

إذ يدل على أن في المأتي اختصاصا، وأنه مقصور على موضع الولد.

وروي عن محمد بن كعب القرظي، أنه كان لا يرى بذلك بأسا ويتأول فيه قوله تعالى:

(أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ) «١» . ولو لم يبح مثله من الأزواج، لما صح ذلك.

وليس المباح من الموضع الآخر مثاله، حتى يقال: تفعلون ذلك وتتركون مثله من المباح.

وهذا فيه نظر، إذ معناه: وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم مما فيه تسكين شهوتكم، ولذة الوقاع حاصلة بهما جميعا، فيجوز التوبيخ على هذا المعنى.


(١) سورة الشعراء آية ١٦٥- ١٦٦.