للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحيض هو الحادث، وليس الطهر شيئا أكبر من عدم الحيض، وزوال العارض، والرجوع إلى ما كان في الأصل، فكان الحيض أولى بمعنى الإسم.

وهذا غير صحيح، فإن الحيض والطهر وصفان يعتوران «١» على المرأة، ولكل واحد منهما وقت معلوم أقله وأكثره.

وهم يقولون: لكن الطهر إنما يعلم بغيره لا بنفسه، فإن الطهر لا نهاية لأكثره إذ هو عدم الحيض، وإنما يعلم بوجود الحيض.

قالوا: وإن كان القرء اسما للضم والجمع، فهو أولى بالدم المجتمع.

ولا يتيقن كونه حالة الطهر، إذ لا يتعلق به حكم، وليس يبين لنا أن الدم يجتمع في حالة الطهر، بل يجوز أن يجتمع في حالة الحيض ويسيل فيه، فلا مستند لهذا القول.

وزعموا أن حد الحقيقة وجد في الحيض، لأن اسم القرء لا ينتفي عنه أصلا، ولا يتحقق ذلك في الطهر، لأنه يوجد الطهر ولا يسمى قرءا بحال مثل طهر الآيسة والصغيرة، فيظهر أن الطهر سمي قرءا لمجاورته للحيض، فالحيض بذلك أولى.

وادعوا تطرق المجاز إلى قولنا من حيث اللغة من وجهين، ومن وجه ثالث، وهو أن مقتضى قولنا الاكتفاء بقرءين وبعض الثالث، وإطلاق اسم الجمع على شيئين وبعض الثالث مجاز على خلاف الحقيقة، وإنما يعلم ذلك بدليل مثل حمل أشهر الحج على شهرين وبعض الثالث،


(١) التعاور التداول للشيء، واعتوروا الشيء تداولوه فيما بينهم. وكذا تعوروه وتعاوروه (المختار) .