والأول يجيب عن هذا، أن حمل البلوغ على مقاربة البلوغ، لا يلحق اللفظ بالمستكره والبعيد في مجاري كلام البلغاء.
أما قول القائل:(إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ) يا أولياء، فيقطع نظام الكلام، ويضمر ما لم يجر له ذكر بوجه، فهو ركيك من الكلام، مستكره في التأويل.
فقيل لهم: إن الذي قلتموه فهمناه من قوله قبل هذا:
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا) . فكيف يعيد عين ذلك بلفظ هو كناية عن القرب من ذكره باللفظ الصريح من غير فائدة، وهذا بين جدا.
ويدلك على ذلك ما رواه شريك عن سماك، عن ابن أخي معقل ابن يسار، عن معقل، أن أخت معقل كانت تحت رجل فطلقها، ثم أراد أن يراجعها، فأبى عليه معقل فنزلت هذه الآية.
وروى عن الحسن هذه القصة، وأن الآية نزلت فيها، وأن النبي عليه السلام دعا معقلا وأمره بتزويجها إياه.
وهذا الحديث غير ثابت على مذهب أهل النقل، لما في سنده من الرجل المجهول الذي يروى عنه سماك، وحديث الحسن مرسل، ولكنه مشهور، والمرسل عندهم حجة.
والقاضي إسماعيل بن إسحاق يرويه في أحكام القرآن عن الحسن قال:«حدثني معقل بن يسار، الحديث.» ثم يقول: «ثم تركها حتى انقضت عدتها» . ويروى ذلك بأسانيد شتى..