إلا أن العلماء أجمعوا على خلاف ذلك، إلا خلاف شاذ لا يعتد به يحكى عن عثمان البتى «١» .
ولعل السبب فيه أن الذي بينه وبين الابن من الاتحاد في الذات، حتى يقال هو بعضه، يقتضي جعل شهادته له في معنى شهادته لنفسه، فإذا كانت فيه شبهة الشهادة لنفسه، كان مدعيا من تلك الجهة، والبينة على المدعي، ولا تسمع شهادته لنفسه فيما هو مدع فيه.
ولا شك أن هذا في غاية الجلاء مع المصير إلى تمييز أملاكهما التي هي محل الشهادة.
ويجب على الابن الحد بوطء جارية أبيه، ولا يجعل الاتحاد بينهما شبهة في الحد، فكذلك لا يجعل شبهة في شهادته وإلحاقها بالدعوى..
نعم ظن أبو حنيفة أن شهادة الزوج لزوجته لا تقبل، لتواصل منافع الأملاك بينهما، وهي محل الشهادة، والذي يخالفه يقول:
ولكن ذلك التواصل يعرض للزوال، فليس كتواصل الولادة، فإذا ظهر التفاوت من وجه.
والأصل قبول الشهادة إلا حيث خص، فما عدا المخصوص يبقى على الأصل.
وزاد أبو حنيفة على هذا وقال:
كل شهادة ردت للتهمة فإنها لا تقبل أبدا، مثل شهادة الفاسق، إذا ردت لفسقه ثم تاب وأصلح، ومثل شهادة أحد الزوجين للآخر إذا ردت، ثم شهد بها بعد زوال الزوجية.
(١) حيث قال كما في الجصاص: تجوز شهادة الولد لوالديه، وشهادة الأب لابنه ولامرأته إذا كانوا عدولا مهذبين معروفين بالفضل ولا يستوي الناس في ذلك.