للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحكم بصحة طلاق الصغيرة التي لم تحض، والطلاق لا يقع إلا في نكاح صحيح، وهذا لا دافع له إلا أن يقال:

النكاح في حق الصغيرة، إن لم يتصور، فالوطء الموجب للعدة متصور، وليس في القرآن ذكر الطلاق في حق الصغيرة، إنما فيه ذكر العدة، والعدة تجب بالوطء، والوطء متصور في النكاح الفاسد، وعلى حكم الشبهة في حق الأمة تزوجها مولاها وهي صغيرة فتوطأ.

والاعتماد على ما روي أن النبي صلّى الله عليه وسلم تزوج عائشة رضي الله عنها وهي بنت ست سنين، زوجها أبوها أبو بكر» «١» .

وربما لا يقولون: لا يحتج بما كان في حق رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فإن نكاح رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا يفتقر إلى الولاء.

وعماد كلامهم أن تزويج الصغيرة يتخير بتفويت في مقابلة نجح موهوم، ولا يتحقق ذلك في حق رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إذ لا يتوقع فوات مصلحة الصغيرة من نكاح رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

وقد يقال في الجواب عن ذلك: إن المرأة ربما أرادت الدنيا بعد البلوغ، وأرادت التفرغ إلى نفسها ولم ترد زوجا فالتوقع قائم» «٢» .


(١) هكذا أثبت المؤلف في هذه النسخة ولكن الحديث الصحيح الذي أخرجه النسائي يقول: تزوج صلّى الله عليه وسلم بعائشة وهي بنت سبع سنين وبنى بها وهي بنت تسع سنين.
(٢) قال في المبسوط بعد ذكر الأدلة على جواز تزويج الولي الصغير: والمقصود ان النكاح من جملة المصالح وضعا في حق الذكور والإناث جميعا، وهو يشتمل على أغراض ومقاصد لا يتوفر ذلك الا بين الأكفاء، والكفء لا ينفق في كل وقت، فكانت الحاجة ماسة الى اثبات الولاية للولي في صغرها، ولأنه لو انتظر بلوغها لفات ذلك الكفء ولا يوجد مثله، ولما كان هذا العقد يعقد للعمر تتحقق الحاجة الى ما هو من مقاصد هذا العقد، فتجعل تلك الحاجة كالمتحققة للحال لإثبات الولاية للولي، ثم في الحديث (زواج عائشة) بيان ان الأب إذا زوج ابنته لا يثبت لها الخيار إذا بلغت، فان رسول الله صلّى الله عليه وسلم لم يخيرها، ولو كان الخيار ثابتا لها لخيرها، كما خير عند نزول آية التخيير.
وليس في ذلك غبن لها فإنها أن كرهت الزواج أو لم ترض بالزواج كان حالها حال الزوجة التي كرهت زوجها فلها حق الخلع، ولها حق الاحتكام للحاكم في طلب الطلاق للحكم بما يراه في حدود الدين.