للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجواب عنه: أن العطف على ما ذكره أخيرا من تحريم إظهار الميل، وأنه إذا كان كذلك يخلص بواحدة أو بملك يمين، ويدل على ذلك أنه لو رجع ذلك إلى نكاح الإماء كان تقدير الكلام: فانكحوا ما طاب لكم من النساء، أو انكحوا ما ملكت أيمانكم، وذلك يقتضي الجمع بينهما، والجمع ممتنع محرم جميعا.

وليس يمكن أن يقال: إنه قال:

(فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) ، ولم تدخل فيه الإماء، ثم قال: (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) على البدل من النساء، فإن ذلك مكروه بالإجماع، وقد بين الله خلافه في موضع آخر فقال:

(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) «١» .

وأبان اشتراط خوف العنت، فيكون مبينا حكم نكاح الأمة هاهنا، وذلك بعيد من القول.

والدليل على ذلك أيضا: أن ظاهر قوله تعالى: (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) . إضافة جمع إلى جمع، وذلك يقتضي توزيع الآحاد على الآحاد، فتقدير قوله: (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أي ما ملكت يمين كل واحد منكم، ولا يتصور ذلك في ملك النكاح، فدل على أن الضمير هو الوطء لا العقد.

نعم ورد مثله في موضع آخر وهو قوله:


(١) سورة النساء آية ٢٥.