يؤذن بالاحتياط القاطع للدعوى الباطلة، كما أمر بالاحتياط في المداينات قطعا للمنازعة، لا جرم قال الشافعي رضي الله عنه:
لو ادعى تسليم المال إلى الصبي بعد البلوغ وأنكر الصبي، لم يصدق إلا بينة.
نعم المودع يصدق في الرد دون بينة، لمصلحة تعلقه بالوديعة، في أنه لا يرضى المودع بالإشهاد على ردها، لما فيه من إشهار أمرها، والودائع تعرض في خفية، ولأن المودع ائتمنه فرضي بقوله واعتقد أمانته.
وأما الائتمان من جهة الصبي فلم يجز أصلا، وفي هذا المعنى نظر، فإن الوصي في معنى النائب عن الصبي، فكذلك كان نائبا عنه في التصرفات، فيجوز أن يكون نائبا عنه في الحفظ حكما، وإن لم توجد الاستنابة من جهة الصبي خاصة الآن، فإن نيابته عن الصبي ظاهرة، وكذلك إذا ادعى تلف المال.
قيل: ولولا النيابة كان ضامنا للمال، لأنه ممسك مال غيره دون استنابة.
ومما يتعلق به الشافعي رضي الله عنه، أن الله تعالى إنما أمر بالإشهاد، لأن دعواه مردودة في الرد دون البينة.
ويمكن أن يقال: فائدته ظهور أمانته وبعده عن التهمة، وقطع دعوى الصبي بالباطل، وسقوط اليمين عن الوصي.
وقد أمر النبي صلّى الله عليه وسلم الملتقط بالإشهاد على اللقطة في حديث عياض بن حمار المجاشعي، أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال:
«من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل ولا يكتم ولا يغيب»«١» .
(١) أخرجه ابن ماجة في سننه، ج ٢ ص ٨٣٧ رقم الحديث ٢٥٠٥.