صار مستوفى لا وجه له، فإن حقهم لا يصير مستوفى لغيرهم، وكل من يحجب شخصا، لا يقال صار ميراثه مستوفى للحاجب، بل يقال:
لا ميراث للمحجوب مع الحاجب، فإذا تقرر ذلك فالثلثان لأولاد الأب والأم وبنات الابن معهن، ويبقى النظر بعد ذلك في أنهم حجبوا بمن فوقهم، فلم يحرمون من دونهم مثل مسألتنا سواء؟
الوجه الثالث: أنه لو جاز أن يقال هذا، جاز أن يقال: إن ميراث أولاد الأب شبيه بميراث أولاد الميت في الثلثين والنصف، وتعصيب الأخ للأخت، فيمكن أن يقال من أجل ذلك إنه ميراث الولادة، إلا أنه ولادة أب الميت، ولذلك تشابه الميراث، فإذا أخذت البنات الثلثين، صار حق الأولاد مستوفى على أبلغ الوجوه وهو ولادة الميت، وميراث أولاد أبي الميت من جنس ذلك بلا شك، فيصرف الفاضل إلى العصبة.
الجواب عن السؤال الأول: أن الأخت إنما تأخذ مع أخيها بجهة أخرى غير الجهة التي يستحق بها الأخوات الفرض، كما تأخذ بنت الابن مع ابن الابن ما يبقى، وإن وجد بنتا الابن.
فإن قلت: فلم يعصبها أخوها كما يعصب ابن الابن أخته؟ ولعل المعنى فيه أنها تقول نحن استوينا في القرب، وإنما لك فضل بالذكورة، فالمال بيننا على تلك النسبة، إذ يبعد أن يأخذه الأبعد في الدرجة بحكم البنوة، أو من في درجتها وهي لا تأخذ.
أو يقال: إن قوة عصوبة الابن اقتضت فعصبت أخته، وقد بعدت تلك القوة إلى أولاد الأب وإن تقاصرت عنه في بعض الوجوه، فكان التعصيب لهذا المعنى، وإذا ثبت التعصيب اختلفت الجهة، فلم يكن توفية ميراث الأخوات بالفرض مانعا جهة أخرى يستحق بها الميراث، وهذا بيّن.
والجواب عن الفصل الثاني، وهو قولهم إن ميراث أولاد الأب