للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلا الشافعي آيتين، وليس فيهما أن «١» التحريم لا يقع بغيرهما، كما لا ينفي الحلال إيجاب التحريم بالوطء، بملك اليمين وبسط القول فيه ومعناه هذا، ولم يعلم هذا الجاهل معنى كلام الشافعي رضي الله عنه، فاعترض عليه بما قاله، وعجب الناس من ذلك وقال:

في هذه المناظرة أعجوبة لمن تأمل، فكان كما قال القائل:

وكم من عائب قولا صحيحا ... وآفته من الفهم السقيم

ويعلم الله تعالى، أن الذي حمله لا يلتبس على من شذا «٢» من التحقيق طرفا، غير أن فرط التعصب يعمي عين البصيرة بالمرة، وظن الجاهل أن الشافعي رضي الله عنه، رأى القياس ممتنعا في الضدين مطلقا، وأنه لم ير قياس الشيء على خلافه، وقال:

المتضادان قد يجتمعان في وجوه، وكفاه جهلا وخزيا أنه لم يفهم هذا الكلام الذي ذكره الشافعي على وضوحه.

ثم كلام الشافعي، قال له: أجد جماعا وجماعا، فلعل السائل ظن أن هذا الكلام الحكيم معلق على صورة الجماع، مثل الغسل وفساد العبادات، فقال الشافعي:

هذا جماع لو فعلت حمدت عليه، وذلك لو فعلت رجمت به، فرده إلى المعنى الأول.

أي إن العاقل لا يفهم من تحريم زوجة الأب بنفس العقد على تقدير أنها كرامة، ولا من تحريم حليلة الابن مذكورا بلفظ الحليلة مثل تلك


(١) انظر أحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٥٦.
(٢) قال في القاموس: شذا بالخبر: علم به فأفهمه. [.....]