للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحتمل أن يكون معناه معنى قوله: (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) في قوله:

(وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) ، ويحتمل معنى زائدا، وهو جواز ما سلف، وأنه إذا جرى الجمع في الجاهلية، كان النكاح صحيحا، وإذا جرى في الإسلام، خير بين الأختين، على ما قاله الشافعي رضي الله عنه، من غير إجراء عقود الكفار، على موجب الإسلام ومقتضى الشرع، فهذا تحقيق القول في محتملات هذا اللفظ، فلا جرم، قال الشافعي رضي الله عنه:

إذا أسلم الكافر عن أختين، خير بينهما، سواء جمعهما في عقد واحد أو في عقدين.

وأبو حنيفة يبطل نكاحهما إن جمع في عقد واحد، وتعين الأولى إن فرق.

والشافعي لما رأى قوله تعالى: (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) غير نص في مقصوده، أراد أن يستدل بالنص، فاستدل بحديث فيروز الديلمي والحارث ابن قيس «١» .

والعجب أن الرازي «٢» قال في أحكام القرآن:

لما لم يجز أن يبتدئ المسلم عقدا على أختين، لم يجز أن يبقى له عقد على الأختين، وإن لم يكونا أختين في حال العقد، كما إذا تزوج رضيعتين فأرضعتهما امرأة واحدة، واستوى حكم الابتداء والانتهاء.

ونقلنا هذا الكلام بلفظه، وذكر بعده كلمات يسيرة، ثم نقل


(١) ونصه عن أبي وهب الجيشاني عن الضحاك بن فيروز الديلمي عن أبيه قال:
«أسلمت وعندي اختان فأتيت النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: طلق إحداهما» .
(٢) راجع أحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٧٧.