للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والوجه الثاني: أن الله تعالى يقول: (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) ، فأحال على ملك اليمين لا على اختلاف الدار، وجعل ملك اليمين هو المؤثر، فيتعلق به من حيث العموم والتعليل جميعا، إلا ما خصه الدليل.

وها هنا سؤال: وهو أنه يقال: قال: (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) ، فإن كان النكاح قد ارتفع فليست محصنة.

قيل: المقصود بذلك رفع الحرج، بسبب أنها ذات زوج، وإبانة أنا لا نمسك بعصم الكوافر، وعلق الحربيين حتى لا يتحرج بذلك السبب، فمعناه: واللواتي كن ذوات الأزواج إذا سبيتموهن، فحكمه كذا.

وتمام البيان في ذلك، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال في رواية أبي سعيد الخدري في سبايا أو طاس «١» : «لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض» ، ولم يجعل لفراش الزوج السابق أثرا، حتى يقال إنّ المسبية مملوكة، ولكنها كانت زوجة زال نكاحها، فتعتد عدة الإماء، إلا ما نقل عن الحسن بن صالح، فإنه قال:

عليها العدة حيضتان إذا كان لها زوج في دار الحرب.

وكافة العلماء رأوا استبراءها، واستبراء التي لا زوج لها واحد في أن الجميع بحيضة «٢» .

فإذا ثبت ذلك، فذلك يدل على أنه عند السبي لم يعتبر عصمة الكافر وحرمته، حتى لم يجب عقدة النكاح أيضا، من حيث أن إيجاب عدة


(١) أخرجه الامام مسلم في صحيحه في كتاب الرضاع، باب جواز وطء المسيبة بعد الاستبراء.
(٢) انظر القرطبي، ج ٥، ص ١٢٢.