للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كون المهر مالا، وليس في العتق تسليم مال، وإنما فيه إسقاط الملك من غير أن استحقت به تسليم مال إليها، فإن الذي كان يملكه المولى من عبده، لم ينتقل إليها، وإنما يسقط.

فإذا، لم يسلم الزوج إليها شيئا، ولم تستحق عليه شيئا، وإنما أتلف به ملكه فلم يكن مهرا، وهذا بين.

وقد جوز الشافعي رضي الله عنه جعل منفعة الحر صداقا، ولا خلاف في منفعة العبيد، وإنما يجعل صداقا، لأنها تستحق عليه تلك المنفعة وهي مال، ووردت فيه أخبار وهي نصوص، والشروع فيها خروج عن معاني القرآن، والذي ورد في الخبر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أعتق صفية، وجعل عتقها صداقا، لا يعارض استدلالنا بالقرآن، لإمكان أنه كان مخصوصا له، فإن نكاحه جاز بلا مهر، فليس يعارض ذلك استدلالنا بلفظ هو نص في حق الأمة. وقال أيضا:

(وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) «١» .

وذلك يدل على أن العتق لا يكون صداقا من وجوه:

منها أنه قال تعالى: (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) ، وذلك أمر يقتضي الإيجاب، وإعطاء العتق لا يصح.

والثاني قوله: (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) ، وذلك محال في العتق، ومتصور في المنفعة.

قوله تعالى: (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) «٢» يحتمل وجهين:


(١) سورة النساء، آية ٤.
(٢) محصنين: متزوجين، وقيل متعففين.
غير مسافحين: غير زانين، والسفاح: الفجور، وأصله من السفح أي الصب.