معناه جواز الإبراء عن بعض الصداق أو هبة بعضه، وتقدير الكلام:
أن تبتغوا بأموالكم محصنين- أي متزوجين- بهن، فإذا استمتعتم بهن فآتوهن أجورهن، ولا تنقصوا شيئا، وإن جرى فراق أو سبب، إلا أن تكون قد حطت شيئا من الصداق، فالحق لها، والمحطوط لا يجب توفيره عليها إذا استمتع.
واستدل قوم بذلك على جواز الزيادة، وذلك غلط، فإن الآية ما وردت في موضع الزيادة، فإنه لما قال تعالى:(فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) ، اقتضى جواز إعطاء ما فرض لها أولا، فقوله:(وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) يرجع إلى الرخصة في ترك الإيتاء، بعد الأمر بالإيتاء في غير موضع الرخصة، وهذا بين لا شك فيه.
فإن قيل: فقد قال تعالى: (فِيما تَراضَيْتُمْ) ، والإبراء لا يتوقف على تراضيهما.
الجواب: أن الإبراء وإن كان على المذهب الصحيح، لا يتوقف على تراضيهما، فالهبة موقوفة على ذلك، والإبراء في أحد الوجهين لأصحابنا وإن لم يقف، فالمعلوم العرف أن ذلك يجري بتراضيهما، والمقصود بقوله:(فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) ، طيبة قلبها، وأن لا ينقص من أجرها شيئا» والإبراء يصدر منها.
وقال:(فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) ، إلا إذا طابت نفسها، وقد صرح بذلك في موضع آخر فقال: (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ