للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآية دلالة على ضد المذكور عند عدم الحاجة، ورأى أن ذكر الحاجة في إباحة النكاح، تنزل منزلة ذكر الإملاق والحاجة في تحريم القتل، ولم يجعل لهما مفهوما «١» ، وقد غلط «٢» من وجهين:

أحدهما «٣» : أن كل ما استشهد به له مفهوم وفحوى، ولكنه من قبيل مفهوم الموافقة والتنبيه بالمذكور على مثله في غير المذكور، والقسم الآخر مفهوم المخالفة، وهو التنبيه بالمذكور على خلافه الذي لم يذكر، وهذان قسمان يعرفان لمحال الخطاب، ومواضع الكلام، ومواقع العلل والمعاني.

والرازي ظن أن الأدلة في القسمين على ما عدا المذكور، فأبان من نفسه جهله بنوعي المفهوم وقال: وبينا ذلك في أصول الفقه، فظلم نفسه بالتصدي للتصنيف في الأصول، قبل معرفة هذه الأمور الجلية، كما ظلم نفسه بالتصنيف في معاني القرآن وأحكامه، قبل إحكام معانيه.

فإذا ثبت ذلك، فيبقى ها هنا نظر، وهو أنه إن قال قائل: قد وردت ألفاظ عامة في النكاح مثل قوله تعالى: (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) إلى قوله (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) ، وادعى هذا المحتج به أن معناه: أو نكاح ما ملكت أيمانكم، وهذا غلط، فإن معناه: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) «٤» ، لا يخشى فيه الجور، أو ما ملكت


(١) انظر أحكام القرآن للرازي الجصاص، ج ٣، ص ١٠٩.
(٢) أي أبو بكر الرازي الجصاص.
(٣) وهذا الاستدلال هو من أدلة الكيا الهراسي صاحب هذا المصنف في الرد على الرازي الجصاص.
(٤) أي فنكاح واحدة.