للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا في غاية الركاكة، وحاصله أن القدرة مانعة للنكاح الذي اعتبرت مانعة لأجله، وإن نكح حرة وهو قادر فلا ينكح، وإن نكح حرة وخرج عن كونه قادرا فله نكاح الأمة، وجعل القدرة مانعة، من غير أن يكون المنع لأجل المقدور عليه وهو النكاح، وهذا في غاية البعد.

قوله تعالى: (مِنْ فَتَياتِكُمُ «١» الْمُؤْمِناتِ «٢» ) .

يدل على اعتبار الإيمان على الوجه الذي تقدم ذكره في أول الآية، وكيفية الاستدلال بها.

ومن الجهالات العظيمة قول الرازي: إن قوله تعالى: (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ، يتناول الإماء والكتابيات، مع أنه تعالى ذكر ذلك ثم قال: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) «٣» .

فأبان أن إطلاق المحصنة ما تناول الأمة المؤمنة، أفتراها متناولة للكافرة؟ وذلك في غاية الركاكة.


(١) «من فتياتكم» أي المملوكات، وهي جمع فتاة، والعرب تقول للمملوك: فتى، وللمملوكة فتاة، وفي الحديث الصحيح:
«لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي ولكن ليقل فتاي وفتاتي» .
ولفظ الفتى والفتاة يطلق أيضا على الأحرار في ابتداء الشباب، فأما في المماليك فيطلق في الشباب وفي الكبر.
(٢) «المؤمنات» بين بهذا أنه لا يجوز التزوج بالأمة الكتابية، فهذه الصفة مشترطة عند مالك وأصحابه، والشافعي وأصحابه، والثوري، والأوزاعي، والحسن البصري، والزهري، ومكحول، ومجاهد.
(٣) انظر أحكام القرآن للجصاص.