للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

برهن مقبوضة في السفر، بدلا من الاحتياط بالاشهاد في الحضر، وفي إثبات الخيار إبطال الرهن إذ غير جائز إعطاء الرهن بدين لم يجب بعد.

فدلت الآية بما تضمنته من الأمر بالإشهاد على عقد المداينة، والتبايع من غير تعوض للافتراق أن لا خيار، إذ كان إثبات الخيار مانعا معنى الاشهاد والرهن، فهذا كلام الرازي بأحكام القرآن حكيناه بلفظه، والجواب عنه: أن الله تعالى وتقدس، أمر بالإشهاد والكتابة بناء على غالب الحال في أن الشهود يطلعون على الافتراق والبيع جميعا، وليس للبيع مما يدوم غالبا أو يتمادى زمانه، حتى يجري الإشهاد على أحدهما دون الآخر، فأراد الله تعالى بيان الوثائق على ما جرت به العادة من البيع، ويدل على ذلك، أن قبل القبض لا ينبرم العقد في البيع وفي الصرف، وإذا تفرق المتبايعان بطل الصرف، وإذا هلك المبيع قبل القبض بطل البيع، فتبطل الوثائق جملة، وذلك لم يمنع الإرشاد إلى الوثائق في البياعات والمداينات، وكذلك بالقول في خيار الرؤية فيما لم يره في خيار الشرط، فلا حاصل لما قاله هؤلاء فاعلمه.

ووراء ذلك تعلق الرازي بفنون، يفع الجواب عنها في مسائل الخلاف، لا تعلق لها بمعاني القرآن، وذلك عادته، فإنه إذا انتهى إلى مسألة مختلف فيها، بين أبي حنيفة وغيره، يستقصي الكلام فيها فيما يتعلق بالخبر والقياس، ويخرج بها عن مقصود الكتاب.

قوله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) «١» الآية. معناه:

لا يقتل بعضكم بعضا، وهو نظير قوله تعالى:

(وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ) «٢» .


(١) سورة النساء، آية ٢٩.
(٢) سورة البقرة، آية ١٩١. [.....]