فعلى هذا التقدير يستقيم الاستثناء، إلا ما زكيتم، مطلق مصروف إلى ما جعل ذكاة شرعا، وإلا فالعرب لا تفصل في الذكاة بين الموقوذة والمنخنقة، والذكاة بالحديد.
ولا تعرف العرب من الذكاة قطع الحلقوم واللثة وحالة خاصة، فظاهر الحال أنه محال على بيان مقدم.
قوله تعالى:(وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) : إنما ذكره عقيب ما تقدم، ومعنى استقسام: طلب علم ما قسم له بالأزلام، وإلزام أنفسهم ما يأمرهم به القداح بقسم اليمين.
والاستقسام بالأزلام، أن أهل الجاهلية كان أحدهم إذا أراد سفرا أو غزوا أو تجارة أو غير ذلك من الحاجات، أجال القداح وهي الأزلام وهي ثلاثة أضرب:
منها نهاني ربي.
منها ما نهاني ربي.
ومنها غفل لا كتابة عليه.
فإذا خرج الغفل أجال القداح ثانية.
وهذا إنما نهى الله تعالى عنه فيما يتعلق بأمور الغيب، فإنه لا تدري نفس ما يصيبها غدا، فليس للأزلام في تعريف المغيبات أثر.
فاستنبط بعض الجاهلين من هذا الرد على الشافعي في الاقراع بين المماليك في العتق، ولم يعلم هذا الجاهل، أن ما قاله الشافعي بناء على الأخبار الصحيحة، ليس مما يعترض عليه بالنهي عن الاستقسام بالأزلام، فإن العتق حكم شرع، فيجوز أن يجعل الشرع خروج القرعة علما على حصول العتق قطعا للخصومة، أو لمصلحة يراها، ولا يساوي ذلك قول القائل: إذا فعلت كذا أو قلت كذا، فذلك يدل في المستقبل على أمر