للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للصلاة بدلا عما فات، فان الخف لا بدل له، والخف شرط لجميع الصلاة، فإذا لم يكن لم تصح، وهاهنا التيمم هو الشرط وقد وجد، فهذا تمام ما أردنا بيانه من ذلك.

وأبعد بعض المصنفين في أحكام القرآن فقال: كما قال تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) ، فإنما أباح التيمم عند عدم كل جزء من ماء، لأنه لفظ منكر يتناول كل جزء منه، سواء كان مخالطا لغيره أو منفردا بنفسه، ولا يمنع أحد أن يقول في نبيذ التمر ماء، فلما كان كذلك لم يجز التيمم مع وجوده بالظاهر.

وهذا جهالة مفرطة، فإن إطلاق اسم الماء لا ينصرف إلى النبيذ، ولا حاجة فيه إلى إطناب، وتقدير اشتمال اسم الماء عليه، كتقدير اشتماله على كل مرقة ونبيذ في الدنيا، وذلك جهل، ولو كان كذلك لدخل تحت مطلق اسم الماء، ولو دخل تحت مطلق اسم الماء، لم يترتب ماء على ماء. وقد قلتم لا يتوضأ بالنبيذ مع وجود الماء، فهذا ما أردنا بيانه من هذا المعنى.

ووجب التيمم إلى المرفقين مثل الوضوء، لأن اسم اليد شامل للعضو إلى المنكب، إلا ما خصه الدليل، وقد بينا وجه الكلام عليه «١» .

قوله تعالى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً «٢» ) : يقتضي اختلاف الفقهاء فيما يتيمم به.

فقال الشافعي: لا يجوز إلا بالتراب الطاهر، أو الرمل الذي يخالطه التراب.

وأبو يوسف يضم إليه الرمل الذي لا تراب فيه.


(١) أنظر أحكام القرآن للجصاص ج ٤، والجامع لأحكام القران للقرطبي ج ٦ ص ١٠٦، وأحكام القرآن للإمام الشافعي رضي الله عنه.
(٢) الصعيد: وجه الأرض كان عليه تراب او لم يكن.