ولم يختلف العلماء في أن اليد المقطوعة بأول سرقة هي اليمنى، فهي إذا مراد الله تعالى بقوله:(فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) .
واعلم أن قوله (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) عند قوم يتعلق به في إيجاب قطع من شمله اسم سارق، إلا من خصه الدليل وهو عموم، وعندهم في كل مقدار إلا ما خصه الدليل.
وأبى ذلك آخرون، فإنه لما قال سارق، ولم يقل سارق ماذا، والإنسان يقول: سرقت كلام فلان، وسرقت علمه وحديثه، وقال عليه الصلاة والسلام:
«إن أسوأ الناس سرقة من سرق من صلاته. قالوا: يا رسول الله كيف يسرق صلاته؟
قال: لا يتم ركوعها وسجودها» «١» .
فذكروا أن اسم السارق لا يمكن أن يعلق عليه القطع، لاعتبارنا فيه شروطا لا يدل لفظ السارق عليها، ولزمهم على هذا أن لا يتعلق بعموم لفظ البيع والنكاح والإجارة إلى غير ذلك، لاعتبار شروط فيها لا يدل اللفظ عليها.
وقد قال غيرهم: بل يتعلق به وبأمثاله نظرا إلى عموم اللفظ، نعم سرقة الكلام والعلم لا تفهم في المتعارف من إطلاق اسم السرقة، وإنما الكلام في المتعارف، كما لا يفهم من إطلاق الزنا زنا القرد والبهائم، ولما قال عليه الصلاة والسلام أسوأ السراق حالا من سرق من صلاته، لم يفهم الناس وهم أهل اللغة معناه، حتى فسر رسول الله معناه وما أراده، لأنه
(١) أخرجه الامام أحمد في مسنده وغيره، وصححه ابن خزيمة والحاكم في المستدرك.