للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال قائلون: المراد بالآية ظاهرها، وهي الشهادة على الوصية في السفر، وأجازوا بهذا شهادة أهل الذمة على وصية المسلم في السفر، ورووا ذلك عن أبي موسى، وهو قول أبي موسى وقول الأوزاعي، وجعلوا هذا الحكم مخصوصا بالوصية عند حضور الموت، لوقوع الضرورة إليه، ولا يمتنع اختلاف الحكم عند الضرورات.

ويقوي ذلك أن سورة المائدة من آخر القرآن نزولا، حتى قال ابن عباس والحسن وغيرهما إنه لا منسوخ فيها.

ومتضمن هذا القول، أن يكون على الشاهد يمين، وأن يتعين إمضاؤه الشهادة لمكان اليمين مع الارتياب، وأنه إذا ظهر لوث من جهة الشهود، صارت يمين الورثة معارضة لشهادة الشهود، وأعظم منه أنه قال:

(ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) .

وقال: (تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) «١» .

وظاهر ذلك رجوع حكم اليمين إلى النوعين اللذين أثبت التخيير فيهما، فيكون المسلم الشاهد محلفا على الشهادة على الوصية، وذلك بعيد.

وإذا ثبت ذلك فلا بد من أحد نوعين:

إما التأويل وإما إثبات النسخ.

أما التأويل فغاية ما قيل فيه وجهان:

أحدهما ما روي عن الحسن، أن فيه تقديما وتأخيرا وتقديره: إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية، فاستشهدوا ذوي عدل منكم، يعني من العشيرة، فإنهم أحفظ وأضبط وأبعد عن النسيان، أو آخران من غيركم، يعني من غير قبيلتكم، إن سافرتم فأصابتكم مصيبة الموت فيحلفان


(١) سورة المائدة آية ١٠٦.