ويرد على هذا، أن الذي ورد الستر فيه- لم يجعل الستر شرطا- وهو الطواف، فكيف يجعل شرطا لما سواه؟
ويجاب عنه بأن وجوب الستر لأجل الطواف ظاهر في كونه شرطا له، وأنه يمتنع الاعتداد به دونه، ولكن قام الدليل في الطواف على خلاف الظاهر، وبقي ما عداه على ما يقتضيه الأصل.
وهذا يرد عليه، أن الأصل أن ما وجب لغيره يفهم منه أنه إذا أتى به دونه، كان تاركا للواجب، فمن أين أنه لا تجب الصلاة، دونه؟
والذي احتج به مالك، أن ستر العورة لم يجب للصلاة، فقد روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال:
قلت: يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر فقال:
احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. قال فقلت:
يا رسول الله، فإذا كان أحدنا خاليا، فقال: الله أحق أن يستحى منه «١» .
فإذا لم يكن الستر من فروض الصلاة لم يكن وجوبها متعلقا بالصلاة، فإذا لم يتعلق بها لزم منه جواز الصلاة دونه، وهذا ينعكس في الطهارة التي لم يكن وجوبها إلا للصلاة.
فعلى هذا، النهي عن الصلاة دون الستر، كالنهي عن الصلاة في البقعة المغصوبة.
الجواب أن الستر في غير الصلاة إنما يجب عند ظهوره للناس، فلو استخلى بنفسه، فيجوز أن يكشف فخذه، وإن كان في السوأتين خلاف، وإذا أراد الصلاة وجب ستر جميع ذلك، فذلك يدل على أن الستر وجب للصلاة.
(١) الحديث أخرجه الامام أحمد في مسنده، والحاكم في المستدرك والبيهقي في الشعب وأصحاب السنن