ذكرهما باسمين ليؤكد أمرهم في هذه الصدقات بأشد من تأكيد غيرهم.
ومنهم من قال: ذكرهما باسمين لكونهما صنفين، وهذا ما قدمناه.
ثم اختلفوا في معنى الفقير:
فمنهم من قال إنه المتعفف الساتر فقره عن الناس، وقد وصفه الله تعالى بذلك في قوله:
(لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ... إلى قوله:
(يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ)«١» والمسكين الذي يسأل إذا احتاج، ويمسك إذا استغنى، ويتخاضع للمسألة، وذلك هو اختيار الأصم.
ومنهم من قال: الفقير هو الضعيف الذي لا يسأل، والمسكين الذي يسأل، ورووه عن ابن عباس، وهو قريب مما قدمناه.
وقد قيل: الفقير هو الزمن الذي لا يقدر على التكسب، والمسكين الصحيح.
وقد قيل: الفقير أشد حاجة، فإنه مأخوذ من كسر فقار الظهر، والمسكين دونه في الحاجة.
وقد وصف الله تعالى ملاك السفينة، بأنهم مساكين يعملون في البحر وأنه مأخوذ من السكون.
وبالجملة: الفقر في ظاهره أدل على الحاجة من المسكنة، لأن المسكين إنما يدل حاله على الحاجة من حيث المعنى، وهو التخاضع الذي هو دليل الحاجة لا من حيث اللفظ، والفقر عبارة عن الحاجة.
ومن جعلهما صنفا واحدا، قال لا فقير إلا ويحسن أن يسمّى مسكينا.