وقال إسماعيل بن إسحاق في الرد على الشافعي: كيف تكون الكتابة ندبا والإيتاء واجبا؟ وإذا تبرع به لزمه أحكامه وتوابعه والقضايا المتعلقة به؟ ومعلوم أن النكاح غير واجب، وإذا نكح وجب فيه أحكام لها، وإذا طلق فلها المتعة واجبة على الزوج.
ومما ذكر أن إطلاق مال الله تعالى لا يقتضي إلا الزكاة، ومال الله تعالى في عرف الشرع لا يفهم منه إلا الزكاة، وما عداه لا يضاف إلى الله تعالى بحكم الإطلاق، وقد قسم الله تعالى الحقوق إلى ما يضاف إلى الله عز وجل، وإلى ما يضاف إلى الآدمي، وإن كان الكل حقا لله تعالى.
والجواب أن هذا لما وجب بحق الله تعالى، ولغرض الحرية، حسن أن يقال: مال الله تعالى، لأنه قصد به وجه الله عز وجل وتحصيل ثوابه.
وربما قالوا: إن السيد لا يستحق على المكاتب مالا، حتى يصح أن يقال في الحط، إنه مال آتاه السيد، إنما كان مستحقا له، فأما ما ليس مستحقا له فلا يقال فيه توهم ما يملكه ويستحقه، فإذا لم يكن دين المكاتب مستحقا عليه، فمن أي وجه يوصف السيد بأنه آتاه مالا، وما آتاه شيئا ملكه، ولا شيئا استحقه.
ويجاب عنه بأنه يجوز أن يطلق ذلك، إذا كان المال ينساق إليه، فكأنه آتاه ماله من حيث إنه ينساق إليه وبالجملة، قوله:(وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ) ، مجاز في الحط من وجوه بينة وحقيقة في الزكاة، وقوله:(فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ) ، حقيقة أنه خطاب للسادة الذين يكاتبون، مع أنه يجوز أن يحمل على وجه آخر بطريق المجاز، فلم يسلم كل واحد من المحملين على مجاز، فإن كان كذلك، فلا يظهر مذهب الشافعي من حيث التعلق بالظاهر، ويتجه للشافعي أن يقول: إيتاء المكاتب