للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلعل الأولى من الأقوال، أنه ورد فيمن كان يأذن ويشح من هذه الطائفة، وكان القوم يتوقون لبعض هذه الوجوه التي رويناها، فبين الله تعالى أن إباحة ذلك إن كان واردا مع طيبة النفس، لا وجه للنسخ فيه.

فإذا قيل: فإن كان كذلك، فلم إذا خصصهم بالذكر، وعند الإذن وطيب النفس الكل سواء؟

فالجواب أنهم خصوا بالذكر، لأنهم كانوا يتقدمون عند السفر والغزوات إلى أقربائهم، وإلى من خلفوهم من الزمنى والعرجي والعميان، أن يأكلوا من منازلهم، فنزلت الآية على هذا السبب. فلذلك خصوا بالذكر.. فأما حمله على أن ذلك يحل بلا إذن فبعيد.

ودل بقوله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) على أمور:

منها أنه يحل للجماعة أن يجتمعوا على طعامها، وإن كان أكلها من ذلك الطعام يتفاضل، وقد كان يجوز أن يظن أن ذلك محرم، من حيث إنهم لا يستوون في قدر ما ظهر من الطعام، ثم يتفاضلون في الأكل، فأباح الله تعالى ذلك.

ومنها: أن مؤاكلة من يقصر أكله عن أكل الباقين، لأن الأعمى إذا لم يبصر، فلا يمكنه أن يأكل أكل البصير، فأباح الله تعالى ذلك، وأباح انفراد المرء عن الجماعة في الأكل، ويجوز أن يظن ذلك مستقبحا في الشرع كما يستقبحه أهل المروءة.

قوله تعالى: (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) ، الآية/ ٦١.