للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخامسة: إذا اجتمع في شخص ٍ جرحٌ وتعديلٌ. فالجرحُ مقدَّمٌ؛ لأن المعدِّلَ يُخبرُ عما ظهرَ من حاله، والجارِح يخبر عن باطنٍ خَفِيَ على المعدَّل. فإن كان عددُ المعدلين أكثر؛ فقد قيل: التعديل أوْلَى. والصحيحُ والذي عليه الجمهور: أن الجرح أولى؛ لما ذكرناه *. والله أعلم.

السادسة: لا يجزئ التعديلُ على الإبهام من غير تسمية المُعَدَّل. فإذا قال: " حدثني الثقةُ " أو نحو ذلك، مقتصرًا عليه؛ لم يُكتَف به فيما ذكَره " الخطيبُ الحافظُ (١)، والصيرفي الفقيهُ " وغيرُهما، خلافًا لمن اكتفى بذلك. وذلك لأنه قد يكونُ ثقةً عنده. وغيرُه قد اطلع على جرحِه بما هو جارحٌ عنده، أو بالإِجماع. فيُحتاج إلى أن يُسَميه حتى يُعرَف. بل إضرابُه عن تسميته مُريب، يوقع في [٢٩ / ظ] القلوب (٢) فيه ترددًا. فإن كان القائل لذلك عالمًا؛ أجزأ ذلك في حق مَنْ يوافقه في مذهبه، على ما اختاره بعضُ المحققين.

وذكر الخطيبُ (٣) الحافظ أن العالم إذا قال: كلُّ من رويت عنه فهو ثقة وإن لم أُسَمِّه. ثم روى عن من لم يُسمِّه، فإنه يكون مُزَكِّيًا له، غير أنا لا نعمل بتزكيته هذه. وهذا على ما قدمناه. والله أعلم.

السابعة: إذا روَى العَدْلُ عن رجل ٍ وسَمَّاه؛ لم تُجعَلْ روايتُه عنه تعديلاً منه له، عند أكثر العلماء من أهل ِ الحديث وغيرِهم. وقال بعضُ أهل ِ الحديث وبعضُ أصحاب الشافعي: يُجعَلُ ذلك تعديلاً منه له؛ لأن ذلك يتضمنُ التعديلَ.


(١) أبو بكر، البغدادي، في (الكفاية: ٩٢) وانظر تبصرة العراقي (١/ ٣١٤).
(٢) في ص: [في القلب].
(٣) في الكفاية: (٩٢) وانظر في التبصرة (١/ ٣١٥ - ٣١٩) ما أبهم مالك والشافعي - رضي الله عنهم - باعتبار شيوخهما، فقالا: أخبرني، أو: حدثني الثقة، من يكون؟. .

<<  <   >  >>