للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما ما يخرج في الحواشي من شرح أو تنبيه على غلطٍ أو اختلاف روايةٍ أو نسخة أو نحوِ ذلك مما ليس من الأصل؛ فقد ذهب " القاضي الحافظُ عياض " - رحمه الله - إلى أنه لا يُخرجُ لذلك خطُّ تخريج ٍ لئلا يدخل اللبسُ ويُحسَبَ من الأصل، وأنه لا يخرج إلا لما هو من نفس الأصل، لكن ربما جُعِلَ على الحرق المقصود بذلك التخريج علامةٌ كالضبةِ أو التصحيح؛ إيذانًا به (١).

قلت: التخريج أوْلَى وأدَلُّ وفي نفس هذا المخرَج ما يمنع الإِلباسَ. ثم هذا التخريجُ [٥٥ / ظ] يخالف التخريجَ لما هو من نفس الأصل في أن خط ذلك التخريج يقع بين الكلمتين اللتين بينهما سقط الساقط، وخط هذا التخريج يقع على نفس الكلمة التي من أجلها خُرِّجَ المخرَّجُ في الحاشية. والله أعلم.

الثاني عشر: من شأنِ الحُذَّاقِ المتقنين، العنايةُ بالتصحيح والتضبيب والتمريض:

أما التصحيحُ فهو كتابة " صح " على الكلام أو عنده، ولا يفعل ذلك إلا فيما صح روايةً ومعنى، غير أنه عرضة للشكِّ أو الخلاف، فيكتب عليه: صح؛ ليُعرَفَ أنه لم يغفل عنه، وأنه قد ضُبِطَ وصَحَّ على ذلك الوجه.

وأما التضبيب - ويسمى أيضًا التمريض -؛ فيُجعل على ما صح ورودُه كذلك من جهةِ


= وقال في ذلك القاضي عياض - رحمه الله -:
خير ما يقتني اللبيب كتاب ..................................................................... محكم النقل متقن التقييد
خَطَّه عارف نبيل وعانا .................................................................. فصحَّ التبييض بالتجويد
لم يخنه إتقانُ نقط وشكل ................................................................. لا ولا عابه لحاق المزيد
فكأن التخريج في طُرَّتيه ................................................................. طرر صُففت بِبيض ِ الخدود
فيناجيك شخصه من قريب ............................................................... ويناديك نصه من بعيد
فاصْحَبَنْه تجده خير جليس ................................................................. واختبره تجده أنس المريد
- الأبيات الأولى، قوبلت على ما في (الإلماع ١٦٥) سماع عياض من شيخه القاضي الشهيد أبي علي - هو الصدفي - ووقع في مطبوعته نسب " عبدالسلام بن بندار ": [القروي] روجع فيه: أبو يوسف القزويني عبدالسلام بن محمد بن يوسف بن بندار، شيخ المعتزلة وصاحب التفسير الكبير (دول الإِسلام ٢/ ١٦، والعبر ٣/ ٣٢١) وفيات سنة ٤٨٨ هـ، فيهما. وقوبلت أبيات عياض، على (الإلماع: ١٦٥) وهي، والأبيات قبلها بنصها هنا.
(١) الإلماع ١٦٤، وقال القاضي عياض: " وقد حدثني بعض من لقيته ممن يُعنى بهذا الشأن، أن كُتُبَ الحكم ِ المستنصر خرجت إلى أهل بيت المقابلة والنسخ بقصره، برسوم منها بعض ما ذكرناه ".

<<  <   >  >>