للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النقل، غير أنه فاسدٌ لفظًا أو معنى، أو ضعيف، أو ناقص؛ مثل أن يكون غير جائز من حيث العربيةُ، أو يكون شاذًّا عند أهله يأباه أكثرهم، أو مصحَّفًا، أو ينقُصَ من جملة الكلام كلمة أو أكثر، وما أشبه ذلك، فيُمَدّ على ما هذا سبيلُه خطٌّ، أوَّلُه مثلُ الصادِ، ولا يُلزَق بالكلمة المعلَّم عليها كيلا يُظَنَّ ضربًا، وكأنه صادُ التصحيح بمَدَّتها دون حائها، كُتبت كذلك ليفرقَ بين ما صحَّ مطلقًا من جهة الرواية وغيرها، وبين ما صح من جهة الرواية دون غيرها، فلم يكمل عليه التصحيح. وكتب حرف ناقص عهلى حرف ناقص؛ إشعارًا بنقصه ومرضِه مع صحة نقله وروايته، وتنبيهًا بذلك لمن ينظر في كتابه على أنه قد وقف عليه ونقله على ما هو عليه، ولعل غيره قد يخرج له وجهًا صحيحًا، أو يظهر له بعد ذلك في صحتِه ما لم يظهر له الآن. ولو غَيَّرَ ذلك وأصلحه على ما عنده؛ لكان معترضًا لما وقع فيه غيرُ واحدٍ من المتجاسرين الذين غيَّروا، وظهر الصوابُ فيما أنكروه والفسادُ فيما أصلحوه (١).

وأما تسمية ذلك ضبة؛ فقد بلغنا عن " أبي القاسم إبراهيم بن محمد [٥٦] اللغوي، المعروف بابن الإفليلي " أن ذلك لكونِ الحرف مُقْفَلاً بها لا يتجه لقراءةٍ؛ كما أن الضبةَ مقفلٌ بها. والله أعلم (٢).

قلت: ولأنها لما كانت على كلام فيه خَلل أشبهت الضبةَ التي تُجعل على كسر أو خلل، فاستعِير لها اسمُها. ومثلُ ذلك غيرُ مستنكرٍ في بابِ الاستعارات *.


(١) قاله القاضي عياض في خطبة (مشارق الأنوار: ١/ ٤) ثم في (الإلماع: ١٦٧).
(٢) نقله القاضي عياض قراءة بخط أبي عبدالله الحميدي محمد بن أبي نصر نزيل بغداد بإسناده عن أبي القاسم ابن الإفليلي إبراهيم بن محمد بن زكريا (الإلماع: ١٦٨).

<<  <   >  >>